• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الشبهة الرابعة: عدم ذكر خُمُس المكاسب في مصنَّفات الفقهاء القدماء

 مفاد الشبهة
قيل: إنَّ فريضة خُمُس المكاسب لم يرد لها إشارة في الكُتُب الفقهية للقدماء، وإنَّ مسألة إعفاء الشيعة من هذا الصنف كانت مشهورة عندهم، ولم يُذكَر في مصنَّفاتهم مسألة وجوبه كما هو عليه الآن.
ردُّ الشبهة
أمَّا ما ذُكِرَ من عدم الإشارة لوجوب خُمُس المكاسب في كُتُب القدماء وأنَّ إعفاء الشيعة من هذا الصنف كان مشهوراً بينهم غير صحيح، ولم ينقل لنا المستشكل تلك الشهرة عن واحد من علماء الطائفة، بل الحقُّ على خلاف ذلك، وإليك جملة من هذه الأقوال:
١- قال الشيخ المفيد (٤١٣هـ) في المقنعة: (واعلم أرشدك الله أنَّ ما قدَّمته في هذا الباب من الرخصة في تناول الخُمُس والتصرُّف فيه إنَّما ورد في المناكح خاصَّة للعلَّة التي سلف ذكرها في الآثار عن الأئمَّة (عليهم السلام) لتطيب ولادة شيعتهم، ولم يرد في الأموال وما أخَّرته عن المتقدِّم ممَّا جاء في التشديد في الخُمُس والاستبداد به فهو يختصُّ بالأموال، وقد اختلف قوم من أصحابنا في ذلك عند الغيبة، وذهب كلُّ فريق منهم فيه إلى مقال، فمنهم من يُسقِط فرض إخراجه لغيبة الإمام، وما تقدَّم من الرُّخَص فيه من الأخبار، وبعضهم يوجب كنزه وتناول خبراً ورد أنَّ الأرض تُظهِر كنوزها عند ظهور القائم مهدي الأنام، وأنَّه (عليه السلام) إذا قام دلَّه الله سبحانه وتعالى على الكنوز، فيأخذها من كلِّ مكان، وبعضهم يرى صلة الذرّية وفقراء الشيعة على طريق الاستحباب، ولست أدفع قرب هذا القول من الصواب، وبعضهم يرى عزله لصاحب الأمر (عليه السلام) فإن خشي إدراك المنيَّة قبل ظهوره وصّى به إلى من يثق به في عقله وديانته ليُسلِّمه إلى الإمام (عليه السلام) إن أدرك قيامه وإلَّا وصّى به إلى من يقوم مقامه في الثقة والديانة، ثمّ على هذا الشرط إلى أن يظهر إمام الزمان، وهذا القول عندي أوضح من جميع ما تقدَّم؛ لأنَّ الخُمُس حقٌّ وجب لغائب لم يرسم فيه قبل غيبته رسماً يجب الانتهاء إليه، فوجب حفظه عليه إلى وقت إيابه، أو التمكُّن من إيصاله إليه، أو وجود من انتقل بالحقِّ إليه)(٧٢).
أقول: إنَّ حاصل مذهب الشيخ المفيد (رحمه الله) هو وجوب إخراج خُمُس المكاسب، وفاضل المؤونة على المكلَّف ويدفع نصف الخُمُس إلى الأصناف الثلاثة من اليتامى والمساكين وأبناء السبيل، وأمَّا الآخر الخاصّ بالإمام، فإنَّ مذهب الشيخ المفيد (رحمه الله) فيه وجوب حفظه إلى حين خروج الإمام (عليه السلام)، وذلك لأنَّه حقٌّ لغائب لم يرسم فيه رسم، فاذا قرب موت المكلَّف عليه أن يوصي به إلى ثقة مأمون يدفعه إلى الإمام إذا أدرك خروجه، وهكذا.
فمن الواضح أنَّ رأي المفيد (رحمه الله) هو وجوب دفع الخُمُس في هذا الصنف في زمان الغيبة، وعدم العفو عنه إلَّا أنَّ الخلاف في مسألة صرف الحقِّ الخاصِّ بالإمام، وهذا تابع لرأي الفقيه وما فهمه من الأدلَّة.
٢- وقال السيِّد المرتضى (٤٣٦هـ) في الانتصار: (وممَّا انفردت به الإماميَّة القول بأنَّ الخُمُس واجب في جميع المغانم والمكاسب وممَّا استُخرِجَ من المعادن والغوص والكنوز وممَّا فضل من أرباح التجارات والزراعات والصناعات بعد المؤنة والكفاية في طول السنة على الاقتصاد)(٧٣).
٣- وقال الشيخ الطوسي (٤٦٠هـ) في الخلاف: (يجب الخُمُس في جميع المستفاد من أرباح التجارات، والغلّات، والثمار على اختلاف أجناسها بعد إخراج حقوقها ومؤنتها وإخراج مؤنة الرجل لنفسه ومؤنة عياله سنة، ولم يوافقنا على ذلك أحد من الفقهاء. دليلنا: إجماع الفرقة وأخبارهم، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك؛ لأنَّه إذا أخرج الخُمُس عمَّا ذكرناه كانت ذمَّته بريئة بيقين، وإن لم يخرج ففي براءة ذمَّته خلاف)(٧٤).
٤- قال ابن زهرة الحلبي (٥٨٥هـ) في كتابه غنية النزوع: (ويجب الخُمُس أيضاً في الفاضل عن مؤونة الحول على الاقتصاد من كلِّ مستفاد بتجارة أو زراعة أو صناعة أو غير ذلك من وجوه الاستفادة أيّ وجه كان؛ بدليل الإجماع المشار إليه، وطريقه الاحتياط)(٧٥).
٥- قال العلَّامة الحلّي (٧٢٦هـ) في منتهى المطلب: (أرباح التجارات والزراعات والصنائع وجميع أنواع الاكتسابات وفواضل الأقوات من الغلّات والزراعات عن مؤونة السنة على الاقتصاد، وهو قول علمائنا أجمع، وقد خالف فيه الجمهور كافَّة. لنا قوله تعالى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ للهِ خُمُسَهُ...﴾ [الأنفال: ٤١]، وهو وجه الاستدلال، أوجب الخُمُس في كلِّ ما يُغنَم، وهو يتناول غنيمة دار الحرب ويتناول غيرها، فالتخصيص من غير دليل باطل)(٧٦).
أقول: قد تبيَّن ممَّا تقدَّم من الأقوال أنَّ مسألة وجوب الخُمُس في أرباح المكاسب قد ذكرها الفقهاء القدماء، وصرَّحوا بوجوب دفع الخُمُس في هذا الصنف، وإنَّما الخلاف في صرف الحقِّ الخاصِّ بالإمام (عليه السلام)، وإن أراد البعض استغلال هذا الاختلاف لتحليل خُمُس المكاسب إلَّا أنَّه من الواضح أنَّه خلاف اجتهادي تابع لفهم الفقيه للأدلَّة والمدارك، وهذا الخلاف لا يلزم منه تخطئة الفقهاء المتقدِّمين، فإنَّ الفقيه يلزمه اتِّباع الأدلَّة الصحيحة وكفى، ولعلَّ الدليل الصحيح قد وصل إلى المتقدِّمين ولم يصل إلى من جاء بعدهم، وكذا العكس، والواجب هو العمل بالدليل الواصل بالحجَّة المعتبرة والعمل، وما عليه مشهور المتقدِّمين ليس دليلاً يجب اتِّباعه ما لم تكن تلك الشهرة مستلزمة للعلم بالحكم الشرعي كأن تكون متَّصلة بزمن المعصوم (عليه السلام) بحيث يُعلَم بأنَّ الفقهاء القدماء أخذوا هذا الحكم عن الأئمَّة (عليهم السلام) يداً بيد.
***************
(٧٢) المقنعة (ص ٢٨٥).
(٧٣) الانتصار (ص ٨٦).
(٧٤) الخلاف للشيخ الطوسي (ج ٢/ ص ١١٨).
(٧٥) غنية النزوع (ص ١٢٩).
(٧٦) منتهى المطلب (ج ١/ ص ٥٤٨)


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page