• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حقوق الجيران

لرابطة الجوار دور كبير في حركة المجتمع التكاملية ، فهي تأتي في المرتبة الثانية من بعد رابطة الأرحام ؛ إذ للجوار تأثير متبادل على سير الأُسرة ، فهو المحيط الاجتماعي المصغّر الذي تعيش فيه الأُسرة ، وتنعكس عليها مظاهره وممارساته التربوية والسلوكية ، ولهذا نجد أنّ المنهج الإسلامي أبدى فيه عنايةً خاصة ، فقد قرن القرآن الكريم عبادة الله تعالى ، والإحسان إلى الوالدين ، والأرحام ، بالإحسان إلى الجار كما في قوله تعالى : ( وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ .... ) (1) .
فقد رسم القرآن الكريم منهجاً موضوعياً في العلاقات الاجتماعية ، يجمعه الإحسان إلى أفراد المجتمع وخصوصاً المرتبطين برابطة الجوار .
وحق الجوار لا يُنظر فيه إلى الانتماء العقائدي والمذهبي ، بل هو شامل لمطلق الإنسان مسلماً كان أم غير مسلم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( الجيران ثلاثة : فمنهم مَن له ثلاثة حقوق : حق الجِوار ، وحق الإسلام ، وحق القرابة ، ومنهم مَن له حقّان : حق الإسلام ، وحق الجِوار ، ومنهم مَن له حق واحد : الكافر له حق الجِوار ) (2) .

الوصايا الشريفة :
أوصى رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وأهل بيته بمراعاة حق الجِوار ، والسعي إلى تحقيقه في الواقع ، وركّز على ذلك باعتباره من وصايا الله تعالى له ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( مازال جبرئيل ( عليه السلام ) يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورّثه ) (3) .
وقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( والله الله في جيرانكم ، فإنّهم وصية نبيكم ، مازال يوصي بهم حتى ظنّنا أنّه سيورّثهم ) (4) .
وقد كتب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كتاباً ، بين المهاجرين والأنصار ، ومَن لحق بهم من أهل المدينة : ( إنّ الجار كالنفس غير مضار ولا آثم ، وحرمة الجار على الجار كحرمة أُمّه ) (5) .
وقد جعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إكرام الجار من علامات الإيمان فقال : ( مَن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره ) (6) .
واستعاذ ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من جار السوء ، الذي أطبقت الأنانية على مشاعره ومواقفه فقال : ( أعوذ بالله من جار السوء في دار إقامة ، تراك عيناه ويرعاك قلبه ، إن رآك بخير ساءه ، وإن رآك بشر سرّه ) (7) .

حُسن الجِوار :
إنّ حُسن الجِوار من الأوامر الإلهية ، كما قال الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) : ( عليكم بحُسن الجِوار ، فإنّ الله عزَّ وجلَّ أمر بذلك ) (8) .
وحُسن الجِوار ليس كفّ الأذى فحسب ، وإنّما هو الصبر على الأذى من أجل إدامة العلاقات ، وعدم حدوث القطيعة ، قال الإمام موسى الكاظم ( عليه السلام ) : ( ليس حُسن الجِوار كفّ الأذى ، ولكن حُسن الجِوار الصبر على الأذى ) (9) .
ودعا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) إلى تفقّد أحوال الجيران ، وتفقّد حاجاتهم ، فقال : ( ما آمن بي مَن بات شبعان وجاره جائع ) (10) .
وحثّ الإمام جعفر الصادق ( عليه السلام ) على حُسن الجِوار ؛ لِما فيه من تأثيرات إيجابية واقعية تعود بالنفع على المحسن لجاره ، فقال : ( حُسن الجِوار يعمّر الديار ، ويزيد في الأعمار ) (11) .
وقد أمر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) عليّاً ( عليه السلام ) وسلمان وأبا ذر والمقداد ، أن ينادوا في المسجد بأعلى أصواتهم بأنّه ( لا إيمان لمَن لم يأمن جاره بوائقه ) ، فنادوا بها ثلاثاً ، ثمّ أومأ بيده إلى كلّ أربعين داراً من بين يديه ، ومن خلفه ، وعن يمينه وعن شماله (12) .
والاعتداء على الجار موجب للحرمان من الجنة ، كما ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنّه قال : ( مَن كان مؤذياً لجاره من غير حقّ ، حرمه الله ريح الجنة ، ومأواه النار ، أَلا وإنّ الله عزَّ وجلَّ يسأل الرجل عن حق جاره ، ومَن ضيّع حق جاره فليس منّا ) (13) .
ومَن يطّلع على بيت جاره ، ويطلب عوراته يُحشر مع المنافقين يوم القيامة ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ومّن اطّلع في بيت جاره فنظر إلى عورة رجل ، أو شَعر امرأة ، أو شيء من جسدها ، كان حقاً على الله أن يدخله النار مع المنافقين ، الذين كانوا يتبعون عورات الناس في الدنيا ، ولا يخرج من الدنيا حتى يفضحه الله ، ويبدي عورته للناس في الآخرة ) (14) .
ويحرم الاعتداء على ممتلكات الجار ، ومَن اعتدى فالنار مصيره ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ومَن خان جاره شبراً من الأرض ، طوّقه الله يوم القيامة إلى سبع أرضين ناراً ، حتى يدخله نار جهنّم ) (15) .
وأمر ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بالتكافل الاجتماعي ، والنظر إلى حوائج الجار ، والعمل على إشباعها ، فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ومَن منع الماعون من جاره إذا احتاج إليه ، منعه الله فضله يوم القيامة ، ووكله إلى نفسه ، ومَن وكله الله إلى نفسه هلك ، ولا يقبل الله عزَّ وجلَّ له عذراً ) (16) .

حق الجار في رسالة الحقوق :
وضع الإمام علي بن الحسين ( عليه السلام ) في رسالة الحقوق منهجاً شاملاً للتعامل مع الجيران ، متكاملاً في أُسسه وقواعده ، مؤكّداً فيه على تعميق أواصر الأخوة ، مجسداً فيه السير طبقاً لمكارم الأخلاق التي بُعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من أجل إتمامها ، فقال ( عليه السلام ) : ( وأمّا حق الجار فحفظه غائباً ، وكرامته شاهداً ، ونصرته ومعونته في الحالين معاً ، لا تتبع له عورة ، ولا تبحث له عن سوءة لتعرفها ، فإن عرفتها منه عن غير إرادة منك ولا تكلّف ، كنت لِما علمت حصناً حصيناً وستراً ستيراً ، لو بحثت الأسنة عنه ضميراً لم تتصل إليه لانطوائه عليه .
لا تستمع عليه من حيث لا يعلم ، لا تُسلِمه عند شديدة ولا تحسده عند نعمة .
تقبل عثرته ، وتغفر زلته ، ولا تدّخر حلمك عنه إذا جهل عليك ، ولا تخرج أن تكون سلماً له ترد عنه لسان الشتيمة ، وتبطل فيه كيد حامل النميمة ، وتعاشره معاشرةً كريمة ، ولا قوة إلاّ بالله ) (17) .
ـــــــــــــــــــــ
(1) سورة النساء : 4 / 36 .
(2) جامع السعادات / النراقي 2 : 267 .
(3) بحار الأنوار 74 : 94 .
(4) نهج البلاغة : 422 ، كتاب : 47 .
(5) الكافي 2 : 666 .
(6) المحجّة البيضاء 3 : 422 .
(7) الكافي 2 : 669 .
(8) بحار الأنوار 74 : 150 .
(9) تحف العقول : 306 .
(10) جامع السعادات 2 : 268 .
(11) الكافي 2 : 667 .
(12) الكافي 2 : 666 .
(13) بحار الأنوار 76 : 362 . 
(14) بحار الأنوار 76 : 361 .
(15) بحار الأنوار 76 : 361 .
(16) بحار الأنوار 76 : 363 .
(17) تحف العقول : 191 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذي الحجة

تبليغ سورة براءة «التوبة»

المزید...

٥ ذي الحجة

1) غزوة سويق. 2) شهادة الامام الجواد(ع).

المزید...

٦ ذي الحجة

1) زواج علي و فاطمة (عليهما السلام). 2) هلاك المنصور الدوانيقي

المزید...

٧ ذي الحجة

1) شهادت الامام الباقر(ع). 2) الامام الكاظم(ع)‌في سجن البصرة.

المزید...

٨ ذي الحجة

1) خروج الحسين(ع) من مكّة إلى العراق. 2) خروج مسلم بن عقيل نحو العراق. ...

المزید...

٩ ذي الحجة

1) يوم عرفة. 2) في مقتل مسلم بن عقيل و هاني بن عروة. 3) سدّ الابواب. ...

المزید...

١٠ ذي الحجة

1) عيد الاضحى المبارك. 2) استشهاد عبدالله المحض بن الحسن المثنى مع ثلّة من أبناء الحسن المجتبى. ...

المزید...

١١ ذي الحجة

افشاء سرّ النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من قبل عائشة وحفصة

المزید...

١٣ ذي الحجة

1) معجزة انشقاق القمر. 2) بيعة العقبة الثانية.

المزید...

١٤ ذي الحجة

في اليوم (14) من ذي الحجّة وقعت « قصة فدك » فدك بين النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) والزهراء (عليها السلام) ...

المزید...

١٥ ذي الحجة

ولادة الامام عليّ بن محمد الهادي

المزید...

١٨ ذي الحجة

1) غدير خم. 2) يوم الدار وقتل عثمان. 3) بيعة المسلمين للامام على(عليه السلام). ...

المزید...

٢٠ ذي الحجة

قتال ابراهيم بن مالك الاشتر وعبيد الله بن زياد

المزید...

٢٢ ذي الحجة

شهادة الصحابي الجليل لأميرالمؤمنين ميثم التمّار

المزید...

٢٤ ذي الحجة

1ـ مباهلة نصارى نجران. 2ـ تصدّق أميرالمؤمنين(عليه السلام) بخاتمه وهو في الصلاة. 3ـ موت الواثق بالله العباسي....

المزید...

٢٥ ذي الحجة

1ـ نزول سورة (هل أتى) ـ‌ (الانسان) ـ (الدهر) بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين(عليهم السلام) 2ـ بيعة اميرال...

المزید...

٢٦ ذي الحجة

مقتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب

المزید...

٢٧ ذي الحجة

1) مقتل مروان الحمار وانقراض الحكم الاموي. 2) وفاة السيد الجليل عليّ بن جعفر(عليهما السلام). ...

المزید...

٢٨ ذي الحجة

واقعة الحرَّة  

المزید...
012345678910111213141516171819
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page