التاريخ: 2009/07/08
نص الحديث
قال الإمام علي (عليه السلام): الهوی: شريک العمي.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يجسّد ما يطلق عليه بـ (الصورة التمثيلية) او (التعريضية) التي تعني: ان احد طرفيها يعرف الأخر کما هو طابع الصورة المذکورة حيث عرّفت (الهوی) بانه (شريک العمي) والمهم هو: ان نحدثک اولاً عن دلالتها، وثانياً عن بلاغتها. اذن ماذا تعني دلالياً؟
الصورة او النص يتحدث عن (هوی النفس) اي: الرغبة الحادة أو المعتدلة أو الخفيفة حيال شيء ما، وهو قد يکون له صلة بأحد الروائع المشروعة کالطعام والجنس، أو غير المشروعة: کالبحث عن الجاه او البحث عن الاطعمة والممارسات المحرمّة.
بلاغة الحديث
والمهم هو: ان تميز بين الرغبة المشروعة وبين غير المشروعة، الحديث يتناول ما هو غير مشروع، ومثاله - کما قلنا - النهم في الطعام او الجنس الی درجة غير طبيعية، فضلاً عن الرغبة غير المشروعة في الجنس أو الطعام او الشراب أو الموقع.
وهذه المستويات من الرغبة الجامحة تظل مقرونة بما هو مرضي من السلوک، أي: ان الشخصية المستوية لا يطبعها الهوی بل يطبع الشخصيات العصبانية والذهانية. هذا من جانب، ومن جانب آخر فان (الهوی) يتخير بکونه اندفاعاً عاطفياً شاذاً لا ينظر فيه الشخص الی عواقب هواه الذي قد يرديه اساساً، وقد يعرّضه الی خسار الشخصية دنيوياً وأخروياً، من هنا شبّه الحديث الهوی بانه (شريک العمي) ليدلّل بلاغياً علی هذه الظاهرة، وهي ما نبدأ فنحدثک عن بلاغة الحديث المتقدم.
لقد قرن الحديث بين (العمي) وهو عدم البصر للأشياء وبين الهوی وهو عدم التفکير بعواقب الشيء، حيث ان الاندفاع لتحقيق الرغبة يجعل الشخصية عمياء لا تنظر الی عواقب سلوکها المندفع.
اذن العمي في البصر يتامل العمي في البصيرة، وهو مقارنة عميقة وحافلة بطرافة الدلالة بالنحو الذي اوضحناه.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir