التاريخ: 2009/12/05
حديث: (الدعاء انفذ من السنان).
نص الحديث
قال الامام الصادق (عليه السلام): الدعاء انفذ من السنان.
دلالة الحديث
الحديث المتقدم يشير الی أهمية الدعاء واستجابته، اي: من حيث فاعليته الكبيرة، كل ما في الأمر ان فاعلية الدعاء ينبغي ألّا نحصرها في الاستجابة العاجلة او السريعة بقدر ما تترك أثرها في العاجل او الاجل أو دفع البلاء، وقد ورد في النصوص الشرعية، ان الدعاء امّا ان يستجاب في العاجل، او في اللاحق من الوقت او في الآجل، اي: الثواب الاخروي، او يدفع به البلاء ام حالة عدم الاستجابة للموضوع المدعّو له.
بلاغة الحديث
والمهم هو: ملاحظة الحديث بعد هذه المقدمة من حيث بلاغته المتمثلة في التشبيه القائل: (الدعاء انفذ من السنان).
السنان هو فصل الرمح، بمعنی انه جهاز عسكري ينفذ الی الجسد مثلاً، والنكتة البلاغية هي: ان نفاد الرمح الی الجسد أو أبتر اهداف يظل امراً مفروضاً منه، بصفة قدرته علی النفاذ كنفاد السكين مثلاً في اللحم، وعندما يقدّم الامام الصادق (عليه السلام) تشبيهاً يقول فيه بان الدعاء انفذ من السنان انما يصوغ اولاً تشبيهاً متفاوتاً وليس تشبيهاً عادياً، بصفة ان التشبيه العادي ينظر بالتساوي او التماثل بين شيئين: بينما ينظر التشبيه المتفاوت الی ما هو اعلی أو ادنی، فنعد ما يقرّر القرآن الكريم بان الكفّار مثلاً هم اضل من الانعام انما ينظر الی ما هو اشد لالاً وليس المساواة بيه الكفار والحيوانات، وهكذا بالنسبة الی فاعلية الدعاء، حيث ينظر التشبيه الی ما هو اكثر نفاذاً من السنان، اي: الدعاء هو اسرع في فاعلية حتی من السنان الذي هو سريع في نفاذه الی الباطن من الأشياء، اذن: التشبيه المتقدم يظل مثيراً وملفتاً للنظر من حيث وضوحه وعمقه، بصفة ان النفاذ من خلال جهاز عسكري يظل اقوی فاعلية من النفاذ الموجود في سائر الاشياء والأهمية الأشدّ من ذلك هي: ان يتداعي ذهن قاري الحديث الی ضرورة افادته من هذه الصورة البلاغية حتی يتعمق ايمانه بالدعاء، وبصلة العبد بمولاه من خلال الدعاء المذكور.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir