التاريخ: 2010/04/19
حديث: (من لم يحكم بما انزل الله، كان كمن شهد شهادة زور).
نص الحديث
قال النبّي (صلى الله عليه وآله وسلم): من لم يحكم بما انزل الله، كان كمن شهد شهادة زور.
دلالة الحديث
هذا النص من النصوص الشرعية الملفتة للنظر من حيث الصورة التي رسمها (صلى الله عليه وآله وسلم) بالنسبة الی من لم يحكم بما انزل الله تعالی، هنا، ينبغي ان ندرك بان عدم الحكم بما انزل الله تعالی ينسحب علی الجميع، اي: علی القضية الفردية بين شخصين او علی القضية المرتبطة بالقضاء الرسمي.
والمهم هو، اولاً: معرفة حكم الله تعالی ولزوم العمل به.
ثانياً: ملاحظة الصلة بين عدم الحكم بما انزل الله تعالی وبين شهادة الزور.
بلاغة الحديث
بالنسبة الی ضرورة الالتزام بأحكام الله تعالی فهو امر لا تشكيك فيه، ولكن النكتة التي ينبغي لفت الانتباه لها هي: الصورة الفنية أو الصورة التشبيهية التي قد قدّمها النبّي (صلى الله عليه وآله وسلم) من حيث الصلة بين شهادة الزور وبين عدم الحكم بما انزل الله تعالی.
الجواب: من البيّن ان شهادة الزور، هي: ان تقدم حكما علی شيء هو لم يكن من مبادئ الله تعالی: كمن شهد زوراً علی احد الاشخاص بأنه سارق مثلاً، فهنا مادام الرجل المتّهم بريئاً: حينئد فإن اتهامه بالسرقة لا واقعية له، بمعنی انه حكم بما لا حقيقة له في احكام الله تعالی، لأن الله تعالی ينهانا عن الافتراء والبهتان والكذب وفي ضوء هذه الحقيقة نجد ان التشبيه بين شهادة الزور وبين الحكم بما لم ينزله الله تعالی يتمثل في ان كليهما مما لا حقيقة له في احكام الله تعالی. كيف ذلك؟
لا ترديد في ان كلا الشخصين يشتركان في الزور والكذب والافتراء والبهتان، فالحاكم السياسي مثلاً عندما لا يعمل بأحكام الله تعالی، وكذلك الحاكم الشرعي او القاضي عندما يحكم علی المتهم بما لا حقيقة له في الشرع، كما لو حكم علی متهم بالسرقة وهو يعلم انه غير سارق، ولكنه لأغراض شخصية حكم بهذه الصورة.
هنا، لا يختلف شاهد الزور عن الحاكم بالزور، اي ان كليهما حكم بما لم ينزل الله تعالی، الحاكم لغرض شخصي والشاهد لغرض شخصي ايضاً: كما لو كان المتهم عدواً له مثلاً، اذن: التشبيه بين الحاكم والشاهد، يظل من العمق والطرافة بمكان، كما لاحظنا.
*******
بقلم : الدکتور محمود البستانی
المأخذ : arabic.irib.ir
