15 ـ قال : حدّثنا قيس بن الربيع ، عن أبي هارون ، عن أبي سعيد :
( إنّ رسول الله لمّا دعا الناس بعد غدير خم أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك ، فقام وذلك في يوم الخميس ، دعا الناس إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) فأخذ بضبعيه فرفعهما ، حتى نظر الناس إلى بياض إبطي رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ، فلم يتفرّقوا حتى نزلت هذه الآية : ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمْ الإِسْلاَمَ دِينًا ) (1) ، فقال رسول الله : الله أكبر على إكمال الدين وإتمام النعمة ، ورِضا الربّ تعالى برسالتي والولاية لعلي بعدي ) (2) .
قال محمد بن أبي القاسم ( رضي الله عنه ) : قال أبو سعيد السجستاني في كتاب الولاية : هذا حديث غريب حسن من حديث قيس بن الربيع الأسدي الكوفي ، عن أبي هارون عمارة بن جوين العبدي ، عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري الأنشاري ، عن النبي ( صلّى الله عليه وآله ) ، فهذه الألفاظ لا أعلم أحداً حدّث به عنه غير أبي زكريا يحيى بن عبد الرحمان الجماني الكوفي ، وما كتبناه إلاّ بهذا الإسناد ، والمشهور أنّ نزول هذه الآية كان يوم حجّة الوداع ، فأمّا يوم غدير خم فلم أكتبه إلاّ من هذا الوجه ، والله أعلم .
قال ( محمد ) : ويوم الغدير أيضاً كان في حجّة الوداع ، ولأنّها لم تكن في يوم واحد ، فما إنكار أبي سعيد من الخبر ؟ اللهمّ إلاّ أن يريد بقوله : إنّ نزول هذه الآية كان يوم حجة الوداع أنّها نزلت بمكّة ، فإنّه ذكر ذلك ، ويكون وجه الجمع بين الروايات في ذلك أنّ الآية والأمر بإظهار الولاية وأخذ العهد والبيعة نزل به جبرئيل في عرفات على ما تبيّن لي ذلك ، فانتظر النبيّ رجوعه إلى المدينة ليعرضه عليهم لها لِما رآه من المصلحة في ذلك ، ولم يكن جبرئيل أمره عن الله بتعجيل ذلك ، ثمّ تغيّرت المصلحة بعد ذلك ويكون جاءه جبرئيل هناك ولم يبيّن له متى ينتظر وأين يفعل ذلك ؛ لأنّ تأخير البيان جائز عن وقت الخطاب للمصلحة ؛ ولأنّ الواجب عندنا لمن سمع مطلق الأمر ، ولا قرينة ولا دلالة أن يعلم أنّه مأمور بإتيانه فيتوقّف في انقطاعه على تعيين الوقت ، فعزم النبيّ على تبليغه إذا دخل المدينة ، فلمّا بلغ موضع الغدير جاءه جبرئيل بآية التهديد ، فأبان الوقت والموضع وأمره بالأداء ، فروى الناس ذلك على حسب ما عرفوا وأحبّوا ، وشرح جميع ذلك نعرفه ، يطول الكتاب بذكره .
___________
( 1 ) المائدة : 3 .
( 2 ) رواه في البحار 37 : 179 عن سليم بن قيس : 152 ، رواه السيّد في الطرائف : 146 عن أبي بكر بن مردويه ، الغدير 2 : 35 ، إحقاق الحقّ 6 : 275 .
الجزء السابع - القسم الخامس عشر
- الزيارات: 1182