• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

أهل البيت ( عليهم السلام ) في تفسير روح البيان{10}

أهل البيت ( عليهم السلام ) في تفسير روح البيان{10}    (1)
للعلاّمة الشيخ إسماعيل حقّي البروسوي
المتوفّى 1137هـ



( بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )

فإنْ قلتَ : ما الحكمة والسرّ في أنّ الله تعالى جعل افتتاح كتابه بحرف الباء ، واختارها على سائر الحروف ؟

فالجواب : إنّ الحكمة في افتتاح الله بالباء عشرة معانٍ :(490)

وتاسعها : إنّ الباء حرفٌ كامل في صفات نفسه بأنّه للإلصاق والاستعانة والإضافة ، مُكمّلٌ لغيره بأنْ يخفضَ الاسم التابع لـه ويجعله مكسوراً مُتصّفاً بصفات نفسه ، ولـه علوٌ وقدرة في تكميل الغير بالتوحيد والإرشاد كما أشارَ إليه سيُّدنا عليّ ( رضي الله عنه ) بقولـه : ( أنا النقطةُ تحت الباء ) ، فالباء لـه مرتبة الإرشاد والدلالة على التوحيد .(491)

سورة البقرة

قولـه تعالى :

( وَبِالآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ )(492)

إنّ مَنْ تخلّص من ذلِّ الحجاب الوجودي يجد عزّة الإيقان بالأمور الأُخرويّة ، وكان مؤمناً بها من وراء الحجاب فصار موقناًً بها بعد رفع الحجاب ، كما قال أمير المؤمنين عليّ ( كرّم الله وجه ) : ( لو كُشِفَ الغطاء ما ازدَدتُ يقيناً ) .(493)

قولـه تعالى :

( فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكَافِرِينَ )(494)

قال : واعلم إنّ الصفات المقتضية للّعن ثلاث ، ومِن ثمَّ قال : قال بعضهم لُعِن يزيد على اشتهار كُفره وتواتر فظاعة شرّه لِما أنّه كفَر حين أمرَ بقتل الحسين ( رضي الله عنه ) ، ولِما قال في الخمر : 

فإنْ حُرِّمتِ يوماً على دين أحمدَ       فخذها على دينِ المسيح ابن مريمَ

واتّفقوا على جواز اللعن على مَنْ قتل الحسين ( رضي الله عنه ) ، أو أمرَ به ، أو أجازه أو رضي به ، كما قال سعدُ الملّة والدين ( التفتازاني ) : الحق إنّ رضا يزيد بقتل الحسين واستبشاره وإهانته أهل بيتِ النبيّ (عليه السلام ) ممّا تواتر معناه وإنْ كانتْ تفاصيله آحاد ، فنحن لا نتوقّف في شأنه بل في إيمانه لعنة الله عليه ، وعلى أنصاره وأعوانه ، وكان الصاحب بن عبّاد يقول إذا شربَ ماءً بثلج :

قعقعةُ الثلجِ بماءٍ عذب         تستخرجُ الحمدَ من أقصى القلب

ثمّ يقول : اللهمّ جدّدَ اللعنَ على يزيد .(495)

قولـه تعالى :

( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّه )(496)

روي إنّ الحسن بن عليّ ( رضي الله عنهما ) اشتهى طعاماً فباعَ قميصَ فاطمة بستّة دراهم ، فسأله سائلٌ فأعطاها ، ثمّ لقي رجلاً يبيعُ ناقةَ فاشتراها بأجَل وباعها مِن آخَر فأرادَ أنْ يدفع الثمن إلى بائعها فلم يجده ، فحكى القضيّة إلى النبيّ ( عليه السلام ) ، فقال : ( أمّا السائل فرضوان ، وأمّا البائع فميكائيل ، وأمّا المشتري فجبرائيل ) ، فنزل قولـه تعالى :

( الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ ... ) .(497)

سورة آل عمران

قولـه تعالى : ( كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّه.... )(498)

قال صاحب التفسير : وفي الآية دليل على جواز الكرامة للأولياء ، ومَنْ نكرها جعل هذا إرهاصاً وتأسيساً لرسالته (عليه السلام) ، عن النبيّ ( صلّى الله عليه وآله ) إنّه جاعَ في زمنٍ قحط فأهدت لـه فاطمة ( رضي الله عنها ) رغيفينِ وبضعة لحم آثرته بها ، فرجع بها إليها وقال : ( هلمّي يا بنيّة ) ، فكشف عن الطبق فإذا هو مملوء خبزاً ولحماً ، فبهتتْ وعَلِمتْ إنّها نزلت من عند الله فقال لها ( صلّى الله عليه وآله ) : ( أنّى لك هذا ) ؟

فقالت : ( هو مِن عند الله ، إنّ الله يرزقُ مَنْ يشاء بغير حساب ) ، فقال ( صلّى الله عليه وآله ) :

( الحمدُ لله الذي جعلكِ شبيهةً بسيّدةِ بني إسرائيل ) ، ثمّ جمعَ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) عليّاً والحسنين ( رضي الله عنهم ) وجمع أهل بيته عليه فأكلوا وشبعوا وبقي الطعام كما هو ، فأوسعت فاطمة ( رضي الله عنها ) على جيرانها .(499)

قولـه تعالى: (.... إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ )(500)

* عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) :

( سيّدة نساء العالمين مريم ، ثمّ فاطمة ، ثمّ خديجة ، ثمّ آسية ) .

حديثٌ حسن يُوافق الآية .

* وعن أنَس قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( حسبك من نِساء العالمين : مريم بنت عمران ، وخديجة بنت خُويلِد ، وفاطمة بنت محمّد ، وآسية امرأة فرعون ) .(501)  

قولـه تعالى:

(  فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنْفُسَنَا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ )(502)

روي أنّهم ـ نصارى نجران ـ لمّا دعوا إلى المباهلة قالوا : حتّى نرجع وننظر ، فلمّا خلا بعضهم ببعض قالوا لعبد المسيح : ما ترى ؟

فقال : والله لقد عرفتم يا معشر النصارى ، إنّ محمّداً نبيٌّ مُرسل ولقد جاءكم بالفصل مِن أمر صاحبكم ، والله ما باهلَ قومٌ نبيّاً قط فعاش كبيرهم ، ولا نبتَ صغيرهم ، ولئن فعلتم لتهلكنّ فإنْ أبيتم إلاّ ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه ، فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم ، فأتَوا رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وقد خرجَ محتضناً الحسين ، آخذاً بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه ، وعليٌّ خلفهما ( رضي الله عنه ) ، وهو يقول : ( إذا أنا دعوتُ فامّنوا ) .

فقال أسقف نجران ـ أيّ أعلَمهم بأمور دينهم ـ: يا معشر النصارى ، إنّي لأرى وجوهاً لو شاء الله تعالى أنْ يُزيل جبلاً من مكانه لأزاله بها ، فلا تُباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة ، فقالوا : يا أبا القاسم ، رأينا لا نباهلك وأنْ تُترك على دينك ونثبت على ديننا ، قال (صلّى الله عليه وآله ) :

( فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين ) ، فأبوا ، فقال :

( إنّي أُحاربكم ) فقالوا : ما لنا بحرب العرب طاقة ، ولكن نصالحك على أنْ لا تغزونا ، ولا تخيفنا ، ولا تردّنا عن ديننا....(503)

قولـه تعالى :

( ...وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ )(504)

حُكي : إنّ خادماً كان قائماً على رأس الحسن بن عليّ ( رضي الله عنهما ) وهو مع أضيافه في المائدة فانحرفت قصعةٌ كانت في يد الخادم فسقط منها شيءٌ على الحسن ، فقال : ( ..وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ.. ).

قال : ( قد عفوت عنكَ ) ، فقال: ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) .

قال : ( أنت حرٌ لوجه الله ، وقد زوجتك فلانة ) .(505)

قولـه تعالى :

( وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ )(506)

قال : إذا كان يوم القيامة يُنصب لواء الشهداء لعليّ ( رضي الله عنه ) وكلُّ شهيد يكون تحت لوائه ، وكلُّ مقتول ظلماً تحت لواء الحسين بن عليّ ، فذلك قولـه تعالى : ( يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ ) .(507)  

سورة الأنعام

قولـه تعالى :

( وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ *وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ  )(508)

وفي ذكره ـ أي عيسى(509) ـ دليل على أنّ الذريّة تتناول أولاد البنت فيكون الحسن والحسين مِن ذرّية سيّد المرسلين محمّد (صلّى الله عليه وآله ) مع انتسابهما إليه بالأُم ، ومَنْ آذاهما فقد آذى ذرّيته (عليه السلام ) .

يقول الفقير(510) : فإذا كان النسب مِن طرف الأُم صحيحاً معتبراً فالذي كانت سيادته مِن طرفها مقبول كما هو مِن طرف الأب وإذ المعتبر انتهاء السلسلة إلى الحسنين مِن أيّ جانِبٍ كان .(511)

سورة الأعراف

قولـه تعالى :

( فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ... )(512)

إنّه رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) قال لعليّ : ( يا عليّ ، أتدري مَنْ أشقى الأولين ) ؟

قال : ( الله ورسوله أعلم ) .

قال : ( عاقر الناقة ) .

ثمّ قال : ( أتدري مَنْ أشقى الآخرين ) ؟

قال : ( الله ورسوله أعلم ) .

قال : ( قاتلك ) .(513)

سورة التوبة

قولـه تعالى :

( بَرَاءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ * فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ .... )(514)

كما روي أنّ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) ولّى سنة الفتح ( عتاب بن أسَيد ) الوقوف بالناس في الموسم واجتمعَ في تلك السنة في الوقوف ، المسلمون والمشركون ، فلمّا كانت سنة تِسع بَعَث أبا بكر أميراً على الموسم ، فلمّا خرَجَ منطلقاً نحو مكّة أتّبعه عليّاً ( رضي الله عنه ) راكب العضباء ليقرأ هذه السورة على أهل الموسم ، فقيل لـه ( صلّى الله عليه وآله ) : لو بعثتَ بها إلى أبي بكر ، فقال : ( لا يؤدّي عنّي إلاّ رجل منّي ) ؛ وذلك لأنّ عادة العرب أنْ يتولى أمر العهد والنقض على القبيلة إلاّ رجلٌ منها سيّدهم أو واحد من رهطه وعترته ، فبعث عليّاً إزاحةً للعلّة....(515)  

سورة هود

قولـه تعالى :

(... سَنُمَتِّعُهُمْ ثُمَّ يَمَسُّهُمْ مِنَّا عَذَابٌ أَلِيمٌ )(516)

قال في عقد الدرر : ويح قاتل الحسين كيف حاله مع أبويه وجدّه ، وأنشدوا :



ويـلٌ  لمنْ شفعاؤه خصماؤه      والصُور في يوم القيامة ينفخُ
لابـدَّ  أنْ تردَ القيامة iiفاطمُ       وقميصها  بدم الحسين iiملطّخُ



وفي الحديث : ( قاتل الحسين في تابوتٍ مِن نار ، عليه نِصف عذاب أهل الدُّنيا... ) .(517)

وعن الشعبي : مرّ عليٌّ ( رضي الله عنه ) بكربلاء عند مسيره إلى صفّين : فوقف وسأل عن اسم هذه الأرض ، فقيل : كربلاء ، فبكى حتّى بلَّ الأرض من دموعه ، ثمّ قال : ( دخلت على رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) وهو يبكي ، فقال : كان عندي جبريل آنفاً وأخبرني إنّ ولدي الحسين يُقتل بشاطئ الفرات بموضعٍ يُقال لـه كربلاء ، ثمّ قبضَ جبريل قبضةً مِن تراب أشمّني إيّاها فلم أملك عيني أنْ فاضتا ) .

ـ و ـ روي : إنّ تلك التربة جعلها رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) في قارورة وقال لأُمّ سلمة ـ رضي الله عنها ـ :

( إنّ هذا مِن تربة الأرض التي يُقتل بها الحسين ، فمتى صار دماً فاعلمي أنّه قد قُتِل ) .

قالت أمُّ سلمة : فلمّا كان ليلة قُتِلَ الحسينُ سمعتُ قائلاً يقول :

أيّـها الـقاتلون جـهلاً iiحُسيناً      أبـشروا بـالعذاب iiوالـتذليلِ
قد لُعِنْتُم على لِسان ابن داود      وموسى وحامل iiالإنجيلِ(518)

قالتْ : فبكيتُ وفتحتُ القارورة فإذا التربة قد جرتْ دماً .

حُكِي : إنّ السماء أحمرّتْ لقتله .  

قال ابن سيرين : والحمرة التي مع الشفق لم تكن حتّى قُتِلَ الحسين ، وحكمته على ما قال ابن الجوزي :

إنّ غَضَبَنا يؤثّر حمرة الوجه والحقّ منزّه عن الجسميّة فأظهر تأثير غضبه على مَنْ قَتَل الحسين بحمرة الأُفُق ؛ إظهاراً لعظمة الجناية ، ولم يُرفع حجرٌ في الدنيا يوم قتلهِ إلاّ وجِد تحته دمٌ عبيط .(519)

وأخرجَ أبو الشيخ إنّ جمعاً تذاكروا : أنّه ما مِن أحدٍ أعانَ على قتْلِ الحسين إلاّ أصابه بلاءٌ قبل أنْ يموت ، فقال شيخٌ : أنا أعنتُ وما أصابني شيءٌ فقام لِيصلح السراج فأخذته النارٌ ، فجعل يُنادي النار النار وانغمسَ في الفرات ، ومع ذلك لم يزل ذلك به حتّى مات .

وبعضهم اُبتليَ بالعطش ، فكان يشرب راوية ولا يروي .

وبعضهم عُوقِب بالقتل أو العمى أو سواد الوجه أو زوال الملك في مدّة يسيرة وغير ذلك ، فإذا عرفتَ فكُن على جانبٍ ممّن يُعادي أهل البيت ومِن صحبتهم ، فإنّ موالاتهم معاداةٌ لأهل البيت وبغض لهم .(520)

سورة الرعد

قولـه تعالى :

(.... إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ )(521)

( المنذر ) : محمّد و ( الهادي لهم ) : عليّ ( رضي الله عنه ) احتجاجاً بقولـه ( عليه السلام ) : ( فو الله لأنْ يهدي الله بكَ رجلاً واحداً ، خيرٌ لك مِن أنْ يكون لك حُمْرُ النعم ) .(522)

وأخرج الطبراني أنّه ( عليه السلام ) قال لفاطمة ( رضي الله عنها ) :

( نبيّنا خير الأنبياء وهو أبوكِ ، وشهيدنا خيرُ الشهداء وهو عمّ أبيكِ حمزة ، ومنّا مَنْ لـه جناحان يطيرُ بهما في الجنّة حيث يشاء وهو ابن عمِّ أبيكِ جعفر ، ومنّا سبطا هذهِ الأُمّة الحسن والحسين وهما ابناكِ ومنّا المهدي ) .(523)

سورة الإسراء

قولـه تعالى :

( قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزَائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذًا لأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الإِنْفَاقِ وَكَانَ الإِنْسَانُ قَتُورًا )(524)

روي إنّ زين العابدين ( رضي الله عنه ) لقيهُ رجلٌ فسبّه فثارت إليه العبيد والموالي ، فقال لهم زينَ العابدين : مهلاً على الرجل ، ثُمّ أقبلَ عليه ، وقال : ( ما سُتِرَ مِن أمرنا أكثر ، ألك حاجة نعينكَ عليها ) ؟

فاستحيى الرجلُ ، فألقى عليه خميصة كانت عليه وهي كساء أسود مُعلَّم ، وأمَرَ بألف درهم ، فكان الرجل بعد ذلك يقول : أشهد أنّكَ مِن أولاد الرُسُل ولا يَتَوهّم مغرورٌ أنّهم كانوا أهل دنيا يُنفقون منها الأموال ، إنّما كانوا أهل سخاء ومروءة كانت تأتيهم الدنيا فيخرجونها في العاجل ، وفيهم يَصْدُقُ قولُ القائل :

وهُـم يـنفقونَ الـمال في أوّل iiالغنى       ويَـستأنِفون  الـصبرَ فـي آخرِ iiالفقر
إذا  نـزل الـحيَّ الـغريبُ تـقارعوا          عليه فلَم تدرِ المقل مِن المثري(525)

سورة الكهف

قولـه تعالى :

(.... وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا )(526)

... والعلم الباطني بمنزلة الباب من البيت ، ومَنْ أرادَ دخول البيت فليأتِ من باب وبيت العِلم ومدينته هو النبيّ ( عليه السلام ) ، وباب هذا البيت والمدينة هو عليّ ( رضي الله عنه ) كما قال ( عليه السلام ) : ( أنا مدينة العِلْم وعليٌّ بابها ) .(527)

سورة طـه

قولـه تعالى : ( طه )(528)

قال الإمام جعفر الصادق ( رضي الله عنه ) :

( طه قسم بطهارة أهل البيت وهدايتهم ، كما قال تعالى : ( ويُطهّرَكم تَطهِيراً )) .(529)

سورة الحج

قولـه تعالى :

( مَنْ كَانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ )(530)

رُويَ عن أنَس بن مالك قال : أقبل يهودي بعد وفاة رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) حتّى دخل المسجد قال : أين وصيّ محمّد ؟ فأشار القومُ إلى أبي بكر ، فقال : أسألك عن أشياء لا يعلمها إلاّ نبيّ أو وصيّ نبيّ ، فقال أبو بكر : سَل عمّا بدا لك .

فقال اليهودي : أخبِرني عمّا لا يعلَم الله ، وعمّا ليس لله ، وعمّا ليس عند الله ؟ فقال أبو بكر : هذا كلام الزنادقة وهُمّ هو والمسلمون به .

فقال ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) : ما أنصفتم الرجل إنْ كان عندكم جوابه وإلاّ فاذهبوا به إلى مَنْ يُجيبه ، فإنّي سمِعتُ رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يقول لعليّ ( رضي الله عنه ) : ( اللهم أيّد قلبه وثبّتْ لِسانه ) .

فقام أبو بكر ومَنْ حضر حتّى أتو عليّاً فأفادوا لـه ذلك .

فقال : أمّا ما لا يعلمه الله فذلكم يا معشر اليهود قولكم : إنّ عُزَيْر ابن الله ، والله لا يعلم أنّ لـه ولداً ، وأمّا ما ليس لله فليس لـه شريك ، وأمّا ما ليس عند الله فليس عند الله ظِلم وعجْز .

فقال اليهودي : أشهد أنْ لا إله إلاّ الله وأنّكَ وصيُّ رسول الله ، فَفَرِح المسلمون بذلك .(531)  

سورة الأحزاب

قولـه تعالى :

( ...إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا )(532)

إنّ النبيّ ( عليه السلام ) خَرَجَ ذات يوم غَدْوة وعليه مَرْطَ مرجل مِن شَعْرٍ أسود ، فجلسَ فأتت فاطمة فأدخلها فيه ، ثُمّ جاء عليّ فأدخله فيه ، ثمّ جاء الحسن والحسين فادخلهما فيه ، ثمّ قال : ( ...إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ...) .



آل العباءة رسول الله وابنته       والمرتضى ثمّ سِبطاه إذا اجتمعوا(533)

قولـه تعالى :

( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً )(534)

قال كعب بن عجرة ( رضي الله عنه ) لمّا نزل قولـه تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) .

قمنا إليه ، فقلنا : إمّا السلام عليكَ فقد عرفناه ، فكيف الصلاة عليكَ يا رسول الله ؟

قال : قولوا : ( اللهمّ صلِّ على محمّدٍ وعلى آل محمّدٍ ، كمّا صلّيتَ على إبراهيمَ وعلى آل إبراهيم ، إنّكَ حميدٌ مجيد ) .(535)

وفي الحديث : ( ما مِن دعاء إلاّ بينه وبين الله حِجاب حتّى يُصلّي على على محمّدٍ وعلى آل محمّد ، فإذا فعل ذلك أنخرق الحجاب ودخل الدعاء ، وإذا لم يفعل ذلك رجع الدعاء ) .(536)

قولـه تعالى :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا  )(537)

حُكِي : إنّ يعقوب بن إسحاق المعروف بابن السكّيت مِن أكابر عُلماء العربيّة جَلَس يوماً مع المتوكّل فجاء المُعتز والمؤيّد ـ ابنا المتوكّل ـ فقال : أيّما أحبُّ إليكَ ابناي أَم الحسن والحسين ؟

قال : واللهِ إنّ قنبراً خادم عليّ ( رضي الله عنه ) خيرٌ منك ومِن ابنيك ، فقال : سلّوا لسانه مِن قفاه .

ففعلوا فماتَ في تلك الليلة .(538)  

سورة الزمر

قولـه تعالى :

( ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ )(539)

كان الحسن والحسين ( رضي الله عنهما ) يلعبان بين يَدَي النبيّ فأعجب بهما ، فأتاه جبريل ( عليه السلام ) بقارورة وكاغدة ، وفي القارورة الدم وفي الكاغدة السمّ ، فقال :

( أتحبّهما يا محمّد ، فاعلم إنّ أحدهما يُقتل بالسيف فهذا دَمُه ، والآخر يُسقى السمُّ وهذا اسمه ) ، فقَطَع القلب عن الأولاد وعلّق قلبه بالله تعالى...(540)

قولـه تعالى :

( ...أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِي مَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ )(541)

كان الربيع من المحدّثين لا يتكلّم إلاّ فيما يعنيه ، فلمّا قُتِلَ الحسين ( رضي الله عنه ) قيل : الآن يتكلّم ، فقرأ :

( قلْ اللهمّ ... ـ إلى قولـه ـ يختلفون ) .

ورُوي إنّه قال : قُتِلَ مَنْ كان يجلسه النبيّ ( عليه السلام ) في حِجره ويضعُ فاه على فيه .(542)

سورة المؤمن

قولـه تعالى :

( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آَلِ فِرْعَوْنَ.... )(543)

ثلاثة لم يكفروا بالله طرفة عين : حزقيل مؤمن آل فرعون ، وحبيب النجّار صاحب يس ، وعليّ بن أبي طالب ( كرّم الله وجهه ) وهو ـ رضي الله عنه ـ أفضلهم .(544)

سورة الشورى

قولـه تعالى :

(... قُلْ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى.... )(545)

رُوي أنّها لمّا نزلت قيل : يا رسول الله ، مَنْ قرابتك هؤلاء الذين وجَبْت علينا مودّتهم ؟

قال : ( عليٌّ وفاطمة وابناي ) ، أي الحسن والحسين ( رضي الله عنهم ) .

ويدلُّ عليه ما رُوي عن عليّ ( رضي الله عنه ) أنّه قال : ( شكوتُ إلى رسول الله ( عليه السلام ) حسَدَ الناس لي ، قال : أما ترضى أنْ تكون أوّل مَن يدخل الجنّة أنا وأنت والحسن والحسين ) .(546)

وقال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) : ( مَنْ مات على حبِّ آل محمّدٍ مات شهيداً ، ألا ومَن مات على حبّ آل محمّدٍ مات شهيداً ، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ مات مغفوراً لـه ، ألا ومَنْ مات على حبِّ آل محمّدٍ مات تائباً ، ألا ومَن ماتَ على حبِّ آل محمّدٍ مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، ألا ومَنْ مات على حبِّ آل محمّد بشرّه ملكُ الموت بالجنّة ثمّ منكرٌ ونكير ، ألا ومَن مات على حبِّ آل محمّدٍ يُزَف إلى الجنّة كما تُزفُّ العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومَنْ مات على حبِّ آل محمّدٍ فُتِحَ لـه في قبره بابان إلى الجنّة ، ألا ومَنْ مات على حبِّ آل محمّد جعل اللهُ قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومَنْ ماتَ على حبِّ آل محمّد ماتَ على السنّة ، ألا ومَن مات على بغض آل محمّدٍ جاء يوم القيامة مكتوب بين عينيه آيس من رحمة الله ، ألا ومن مات على بغض آل محمّدٍ مات كافراً ، ألا ومَن مات على بغض آل محمّدٍ لم يشم رائحة الجنّة ) .(547)

سورة الزخرف

قولـه تعالى:

( وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ )(548)

قال بعضهم في سبب تكريم وجه عليّ بن أبي طالب بأنْ يُقال : كرّم الله وجهه : إنّه نُقِلَ عن والدته فاطمة بنت أسد بن هاشم أنّها كانت إذا أرادت أنْ تسجدَ للصنم وهو في بطنها يمنعها مِن ذلك .(549)

سورة الفتح

قولـه تعالى :

(...سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ... )(550)

وكان الإمام زين العابدين ( رضي الله عنه ) وهو عليّ بن الحسين بن عليّ ( رضي الله عنهم ) يُقال لـه : ذو الثفنات لما أحدثت كثرة سجوده في مواضعه منها أشباه البعير ، والثفِنة بكسر الفاء من البعير الركبة ، وما مسَّ الأرضَ من أعضائه عند الإناخة ، و ثفنت يده ثفناً إذا غَلُظت عن العمل وكانت لـه خمسمائة أصل زيتون ، يُصلّي عند كلِّ أصل ركعتين كل يوم قال قائلهم :

ديارُ عليٍّ والحسين وجعفر       وحمزة والسجاد ذي الثفناتِ(551)  

سورة الرحمان

قولـه تعالى :

( مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ *بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لا يَبْغِيَانِ )(552)

قيل : البحران : عليّ وفاطمة ( رضي الله عنهما ) ، والبرزخ : النبيّ (صلّى الله عليه وآله ) ، ويخرج منهما الحسن والحسين ( رضي الله عنهما ) .(553)

سورة المجادلة

قولـه تعالى :

( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً... )(554)

رُوي عن عليّ ( رضي الله عنه ) إنّه قال : ( إنّ في كتاب الله لآية ما عمِل بها أحدٌ قبلي ، ولا يعمل بها أحدٌ بعدي ، كان لي دينار فصرفته.. ) ، وفي رواية : ( اشتريتُ به عشرة دراهم ، فكنتُ إذا ناجيته ( عليه السلام ) تصدّقتُ بدرهم يعني كنتُ أُقدِّم بين يدي نجواي كلّ يومٍ درهماً إلى عشرة أيّام وأساله خصلةً من الخصال الحسنة ) .(555)

وعن ابن عمر : كان لعليّ ( رضي الله عنه ) ثلاث لو كانت لي واحدة منهنّ كانت أحبّ إليَّ من حُمْرِ النعم : تزويجه فاطمة ( رضي الله عنها ) ، وإعطاؤه الراية يوم خيبر ، وآيةُ النجوى .(556)

سورة التغابن

قولـه تعالى :

( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ... )(557)

وفي مشكاة المصابيح : كان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله ) يخطب إذ جاء الحسن والحسين ( رضي الله عنهما) عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزلَ ( عليه السلام ) مِن المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه ، ثمّ قال :

( صدق الله ( إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ... ) ، نظرتُ إلى هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتّى قطعتُ حديثي ورفعتهما ) ، ثمّ أخذَ ( عليه السلام ) بخطبته...  .(558)

سورة التحريم

قولـه تعالى :

(...فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ... )(559)

عن مُجاهد ـ صالحُ المؤمنين ـ هو عليّ ( رضي الله عنه ) .

يقول الفقير (560) : يؤيّده قولـه ( عليه السلام ) : ( يا علي ، أنتَ منّي بمنزلـة هارون مِن موسى ) ، فإذا كان عليّ بمنزلة هارون فهو صالح مثله .(561)

سورة نوح

قولـه تعالى:

( لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا )(562)

كما قال أميرُ المؤمنين ( رضي الله عنه ) : ( سلوني عن طُرُقِ السماء ؛ فإنّي أعلَم بها مِن طُرُقِ الأرض ) .(563)

سورة الإنسان

قولـه تعالى :

( وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا *إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُورًا )(564)

عن ابن عبّاس ( رضي الله عنهما ) : إنّ الحسن والحسين ( رضي الله عنهما ) مَرِضا فعادهما النبيّ ( عليه السلام ) في ناسٍ معه ، فقالوا لعليّ ( رضي الله عنه ) : لو نذرتَ على ولديكَ نذراً ، فنذر عليّ وفاطمة وفضّه ـ جاريةٌ لهما ـ ( رضي الله عنهم ) إنْ برئا ممّا بهما أنْ يصوموا ثلاثة أيّام تقرّباً إلى الله ، وطلباً لمرضاته وشكراً لـه ، فشُفيا فصاموا وما معهم شيء يفطرون عليه فاستقرضَ عليٌّ مِن شمعون الخيبري اليهودي ثلاثة أصواع من شعير ـ وهو جمع صاع وهو أربعة أمداد ـ فطحنت فاطمة ( رضي الله عنها ) صاعاً وخبزتْ خمسة أقراص ، على عددهم ، فوضعوا بين أيديهم وقت الإفطار ليفطروا به ، فوقف عليهم سائل ، فقال :

السلام عليكم يا أهل بيت محمّد ، مسكين مِن مساكين المسلمين ، أطعموني أطعمكم الله مِن موائد الجنّة ، فآثروا ، وباتوا لم يذوقوا إلاّ الماء وأصبحوا صياماً ، فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم يتيم ، فقال : السلام عليكم يا أهل بيت محمّد ، يتيم مِن أولاد المهاجرين استشهد والدي يوم العقبة أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة ، فآثروه .

فلمّا أمسوا ووضعوا الطعام بين أيديهم وقف عليهم أسير ، فقال : السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة ، أسير من الأُسارى أطعموني أطعمكم الله من موائد الجنّة .

فلمّا أصبحوا في اليوم الرابع أخذ عليّ بيد الحسن والحسين ( رضي الله عنهم ) فأقبلوا على النبيّ ( عليه السلام ) فلمّا أبصَرَهُم وهُم يرتعشون كالفراخ من شدّة الجوع قال ( عليه السلام ) :

( ما أشدّ ما يسوءني ما أرى بكم ) ، وقام فانطلق معهم فرأى فاطمة في مِحرابها قد التَصَقَ ظهرُها بِبطنها وغارتْ عيناها فساءه ذلك فنزل جبريل ( عليه السلام ) وقال : ( خذ يا محمّد ، هنّأك الله في أهل بيتكَ ) ، فاقرأه السورة .(565)

قولـه تعالى :

(...لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلا زَمْهَرِيرًا )(566)

رَوى ابن عبّاس ( رضي الله عنه ) إنّه قال : فبينما أهلُ الجنّة في الجنّة إذ رأوا كضوء الشمس وقد أشرقتْ الجنان لـه ، فيقول أهل الجنّة : يا رضوان ، قال ربّنا ( عزّ وجلّ ) لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً ؟

فيقول لهم رضوان : ليست هذهِ بشمس ولا قَمَر ولكن هذه فاطمة وعليّ ( رضي الله عنهما ) ضحِكا ضحكاً أشرقتْ الجنان من نور ضحكهما .(567)

سورة الشمس

قولـه تعالى :

( فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا *فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا... )(568)

وفي الحديث قال ( عليه السلام ) لعليّ : ( يا عليّ ، أتدري مَنْ أشقى الأولين ) ؟

قال : ( الله ورسوله أعلم ) .

قال : ( عاقر الناقة ) .

قال : ( أتدري مَنْ أشقى الآخرين ) ؟

قال : ( الله ورسوله أعلم ) .

قال : ( قاتلك ) .(569)

وذلك أنّ الناقة إشارة إلى ناقة الروح ، فكما أنّ عَقْرها بالظلمة النفسانيّة والشهوات الحيوانيّة مِن مَزيد شقاوة النفس ، فكذا قتلُ عليّ ( رضي الله عنه ) ، فإنّه كان مظهراً لروحانيّة نبيّنا ( عليه السلام ) .  

___________________
1- اعتمدنا على الطبعة العثمانية المطبوعة في سنة 1330هـ ، استانبول .  


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page