في رِحابِ الله
كان سماحة الامام الشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين وحيد عصره في التقوى و الخوف من الله تعالى ، يقول وكيله في كربلاء و هو أحد تجّار السوِ من المؤمنين : فلقد اتفق ان زرته يوماً في منزله لتصفية الحساب الجاري بيننا ، فلم أر أحداً في الدار ، فقلت في نفسي : لعله في الغرف الداخلية ، فدخلتها فلم أر أحداً أيضاً ، فابتدر الى ذهني بأنه قد يكون على عادته فوِ سطح الدار لينفرد هناك بالعبادة . فارتقيتُ درج السطح ، حتى اذا أشرفت عليه رأيته منهمكاً في سجوده مفترشاً الأرض يناجي ربه و يدعوه تعالى و يمرغ انفه في التراب و يتضرع اليه سبحانه و قد خنقته العبرة ، و قطّع انفاسه البكاء المرير ، فانسحبتُ راجعاً دون أن يعلم باطلاعي عليه و نزلت رويداً رويداً حتى اذا توسطت الدار ، أخذت أصيح بصوت عال : يا الله ! يا الله ! اين أنتم يا سماحة الميرزا ؟ بعد لحظات من هتافي هذا ردّ عليَّ الميرزا مجيباً : نعم ، انني هاهنا ، انتظرني فقدأقبلتُ اليك . و عند ما جاء و قد كفكف دموعه ، و مسح التراب عن أنفه و جبينه و درأ عن نفسه كل معالم التضرح و التوسل ، أخذ يلاطفني بالكلام و يبتسم اليَّ ، كأن لم يكن في شيء من ذلك قطّ .([1])
--------------------------------------------------------------------------------
[1]ـ كتاب ( الامام القائد ، الشيخ محمد تقي الشيرازي ، قائد ثورة العشرين في العراِ ) ، ص 18 .