• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الامتحان الصعب

الامتحان الصعب :

قال تعالى : « فلما بلغ معه السعي قال يا بني اني ارى في المنام اني اذبحك فانظر ماذا ترى قال يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين » (1).
فلما بلغ السعي اسماعيل وشب واخذ يسعى ويمشي ويتصرف تصرف الرجال ويعين اباه على اموره ، قالوا كان عمره يومئذ ثلاث عشرة سنة رأى ابراهيم عليه السلام في المنام انه يذبحه « والمعروف ان منام الانبياء لا تكون الا صحيحة » ، وقال لولده اسماعيل يا بني اني رأيت رؤيا وتاويلها الامر بذبحك ماذا تقول ؟ قال اسماعيل لابيه ، الراي رايك يا ابتي وافعل ما امرك الله ، وسلم امره الى ابيه واستسلم للذبح.
بعد ذلك هيا اسباب الذبح واستعد لذلك وادى ابراهيم مناسك حجه ، فلما فرغ من السعي وكان معه ولده اسماعيل ، ذهبا الى منى يوم النحر « كان ذلك يوم العيد في العاشر من ذي الحجة » ، فلما انتهى به الى الجمرة الوسطى اضجعه لجنبه الايسر واخذ السكين ليذبحه سمع نداء من السماء يقول « ان يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا » لا تذبح ابنك ، عند ذلك جاءه جبرئيل عليه السلام ومعه كبش عظيم من السماء وقال له خذ هذا الكبش واذبحه بدل ابنك وقد نجحت في الامتحان وامتثلت ما امرك الله به ، فاخذ الكبش وذبحه وتصدق بلحمه.
« وفديناه بكبش عظيم ». (2)
قصة ذبح اسماعيل عليه هذه مليئة بالمعاني العميقة والعبارات الدقيقة التي جرت بين الاب والابن ، ونرى فيها مصداق الابن لابيه والمطيع لمولاه.
فمن جهة نرى الاب يصارح ولده البالغ من العمر « 13 » عاما بقضية الذبح ، ويطلب منه اعطاء رايه فيها ، فيقول له : « يا ابت افعل ما تؤمر ستجدني ان شاء الله من الصابرين » فانني مستسلم لهذا الامر.
ومن جهة اخرى ، ساعد والده في تنفيذ هذا الامر الالهي ، وعمل على تقليل الم وحزن والدته.
فعندما اخذه والده للذبح ، قال اسماعيل لوالده : يا ابت ، احكم من شد الحبل كي لا تتحرك يدي ورجلي اثناء تنفيد الامر الالهي ، اخاف ان يقلل ذلك من مقدار الجزاء الذي ساناله.
وقال : والدي العزيز اشحذ السكين جيدا ، وامرره بسرعة على رقبتي كي يكون تحمل الم الذبح سهلا بالنسبة لي ولك.
والدي قبل ذبحي اخلع ثوبي من على جسدي كي لا يتلوث بالدم ، لاني اخاف ان تراه والدتي وتفقد عنان صبرها.
ثم قال : اوصل سلامي الى والدتي ، وان لم يكن هناك مانع اوصل ثوبي اليها كي يسلي خواطرها ويهدئ من الامها.
ولما قربت اللحظات الحساسة ولحظات الوداع ، احتضن ابراهيم عليه السلام ولده اسماعيل عليه السلام وقبل وجهه وبكى الاثنان ، ووضع جبين ولده ـ طبقا لاقتراحه ـ على الارض ـ حتى لاتقع عيناه على وجه ابنه فتهيج عنده عاطفة الابوة وتمنعه من تنفيذ الامر الالهي.
على اي حال وضع السكين على رقبة ابنه ومررها بسرعة وقوة وروحه تعيش حالة الهيجان ، وحب الله كان الشيء الوحيد الذي يدفعه الى تنفيذ الامر ومن دون اي تردد.
الا ان السكين الحادة لم تترك ادنى اثر على رقبة اسماعيل اللطيفة ، وهنا غرق ابراهيم في حيرته ، ومرر السكين مرة اخرى على رقبة ولده ، ولكنها لم تؤثر بشيء كالمرة السابقة.
نعم ، فابراهيم الخليل يقول السكين : اذبحي ، لكن الله الجليل يعطي اوامره للسكين ان لا تذبحي ، والسكين لا تستجيب سوى لاوامر الباري عزوجل.
وهنا يأتي القران وينهي كل حالات الانتظار ويبشر بنجاح الامتحان ويقول بعبارات قصيرة مليئة بالمعاني العميقة : « وناديناه ان يا ابراهيم ، قد صدقت الرءيا انا كذلك نجزي المحسنين ، ان هذا لهو البلاء المبين وفديناه بذبح عظيم ... سلام على ابراهيم ... » (3).
نعم ، الذي يستسلم من اسفل قدمه الى اعلى راسه للامر الالهي ، واحسانه في سبيل الله يصل الى اقصى درجات التضحية والفداء ، لا يمكن مكافاته باقل من هذا ، لذا فقد ورد في بعض الروايات ان جبرئيل هتف « الله اكبر ، الله اكبر » اثناء عملية الذبح لتعجبه ، فيما هتف اسماعيل عليه السلام « لا اله الا الله ، والله اكبر » ، ثم قال ابراهيم عليه السلام : « الله اكبر ولله الحمد ».
وهذه العبارات تشبه التكبيرات التي يرددها الحجاج في يوم عيد الاضحى ، وغير الحجاج كذلك في اقطار العالم.
ومن اجل تحقق امنية ابراهيم عليه السلام في تقديم القربان لله عزوجل ، بعث الله كبشا كبيرا الى ابراهيم ليذبحه بدلا عن ابنه اسماعيل ، ولتصير سنة للاجيال القادمة التي تشارك في مراسم الحج في كل عام.
التضحية والنجاح الذي حققه الاب المحسن في الامتحان الصعب واطاعة الابن البار الصابر المحتسب لله ، ستبقى خالدة حتى تقوم القيامة ، ويبقى موعظة على مدى الاجيال ، وقدوة لكل الطاهرين.
______________________________________________
1 ـ الصافات 102.
2 ـ البحار : ج 12 ص 121.
3 ـ الصافات : 102 ـ 110.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page